Avatar photo

Nicholas Hopton

Head of UK Embassy to Libya

3rd April 2013 Tripoli, Libya

البراعم الخضراء في اليمن

يزعم بعض الناس أن مشاكل اليمن متأصلة في البلاد بعمق لدرجة أنه من الصعب التغلب عليها. وصحيح أن الثقافة القبلية في الشمال وإرث حكومات ما بعد الاستقلال والمظالم التي عانى من الناس منذ الوحدة – ناهيك عن  مصائب الإرهاب والفساد – تمثل عقبات كبيرة. فهي تقطع الطريق أمام إيجاد ديموقراطية أكثر تمثيلا، وتنفيذ لسطلة القانون، والوحدة في أفقر دولة في الشرق الأوسط.

وهؤلاء المتشائمون ليسوا على صواب. فهناك براعم خضراء ليست فقط في أشجار القات التي أدمن عليها الشعب اليمني. فالبراعم الخضراء التي اقصد تعني مستقبلا أفضل لـ 25 مليون يمني ليس حلما غير ممكنا.

وفي سفرياتي في اليمن رأيت أربع براعم خضراء على وجه الخصوص وهي كالآتي:

–  في جزيرة سقطرى هذا الأسبوع وجدت سكانا يشعرون بأنهم قد أُهملوا من قبل السلطات المركزية ومازالوا يناضلون ليوصلوا أصواتهم. وفي نفس الوقت، أظهروا وحدة متميزة في الأداء والتضامن المجتمعي. وعلى خلاف بقية اليمن، لا يوجد أسلحة في سقطرى. وبالدعم المناسب، فلدى هذه الجزيرة ذات الجمال الخلاب إمكانية كبيرة في اجتذاب السياح والنمو بشكل سريع لتصبح نموذجا في الإزدهار والأمن لبقية أجزاء اليمن.

 – داخل الحديدة وحولها يعاني الناس من أزمة إنسانية، و سوء التغذية منتشر في المنطقة. وأصبح وضع النساء والأطفال على وجه الخصوص يائسا. زرت مركز تغذية حيث تمشي النساء مسافات طويلة ليحضرن أطفالهن المصابين بسوء التغذية على أمل أن يتم انقاذهم. وتبرعت المملكة المتحدة مؤخرا بمبلغ 70 مليون جنيه استرليني لدعم مشاريع إنسانية في اليمن بما في ذلك مكافحة سوء التغذية، ولكن في الواقع ما زال يموت الكثير من الأطفال بسبب سوء التغذية أو بسبب أمراض يمكن الوقاية منها. ومع ذلك، حتى في وسط هذه المعاناة الانسانية، هناك سبب للتفائل. بما أن المملكة المتحدة بدأت دعمها بالتعامل مع سوء التغذية في اليمن بكامله منذ ستة أشهر. وتمكن حوالي 18000 طفل مصاب بسوء تغذية حادة من تلقي العلاج. وتمارس العملية البربرية لختان الإناث في المنطقة بشكل كبير. وفي برنامج جديد بمبلغ 35 مليون جنية استرليني، تحاول بريطانيا إنهاء هذه الممارسة عالميا خلال عقد من الزمان. وترتب النساء حاليا أنفسهم في الحديدة ويقمن بمشاريع محو أمية وتنموية أخرى. ومجموعة النساء التي قابلتهن هناك قويات وعازمات. وكما أوضحت دائما، لو استطعن النساء اليمنيات تحقيق ولو نسبة من إمكانياتهن، سيكون لهن أثر إيجابي كبير على حالة البلاد.

 – تعز، أحد أكبر المدن الحضرية في اليمن، تواجه تحديات اجتماعية وأمنية كبيرة. ومع ذلك، وجدت في تلك المدينة علامات ثقافة تجارية واعدة يمكن أن تغير مستقبل اليمن الاقتصادي. وتحت قيادة ديناميكية من المحافظ وبعض الأسر الرائدة في الأعمال التجارية، يتم الاستثمار، ويتم إيجاد الوظائف ويعملون على ايجاد حلول لنقص الماء المتزايد باستمرار. ولدى تعز إمكانية أن تصبح نموذجا تجاريا وفي الحكم لبقية البلاد وتصبح قائدة النمو الاقتصادي.

 – وفي مدونتي الأخيرة (فن الحوار) شجعت 565 ممثلا في مؤتمر الحوار الوطني للتغلب على خلافاتهم بالاستماع إلى بعضهم البعض ومحاولة فهم بعضهم البعض لكي يتفقوا على التوصيات التي ستتقدم بها البلاد. ومع بعض الزملاء الدبلوماسيين، قابلت معظم ممثلي الحوار في بداية هذا الأسبوع. وهذه المجموعة من الشخصيات تعكس التنوع الكبير وثراء الإمكانات البشرية اليمنية. وتشجعت عندما رأيت أنه بعد أسبوعين من المؤتمر، يبدوا أنهم يتحملون مسئولياتهم ويعملون معا عبر الحدود التقليدية للقبيلة، والنوع الاجتماعي، الشمال/الجنوب، والعمر والطائفة. وكنت سعيدا على وجه الخصوص بالالتقاء بمجموعة من الشباب، رجالا ونساء، من نطاق مختلف من الأحزاب السياسية والمجموعات الذين جاءوا ليخوضون نقاشا معي. ودخلوا مؤتمر الحوار وهم يمثلون مصالح مختلفة، وأكثر ما يدهش هو وضعهم الأولوية لمستقبل البلاد –الذي يمثل مستقبل شباب اليمن –  بدلا من الاجندات السياسية الضيقة  التي سيطرت على الساحة السياسية حتى الآن. وإذا كان مستقبل البلاد شبابها، فإن مستقبل اليمن سيكون مشرقا بالفعل.

وبالطبع، يمكن للبراعم الخضراء أن تتطور إلى نبتات ناضجة إن تم تربيتها واعطيت قدرا كافيا من اشعة الشمس ومجالا للنمو. ولدى الحكومة اليمنية مسئولية كبيرة في تبني السياسيات الاقتصادية والسياسية الصائبة لضمان حدوث ذلك. وبالنظر إلى نصف قرن من الفشل وإراقة الدماء مضى في اليمن، وهشاشة الوضع بعد أحداث 2011، مازال للمجتمع الدولي دورا حيويا. حيث يجب أن يستمر في دعم التنمية والنمو في اليمن من خلال التمويل والمشورة، وعند الضرورة، قرار أكثر حسما ضد أولئك الذين يهددونها. ويجب أن يعمل ممثلي مؤتمر الحوار الوطني الشامل معا خلال الصيف في مجموعات عملهم التسع لتشجيع التسوية الوطنية وبناء إجماع حول المقترحات التي ستلبي مطالب اليمنين الذين طالت معاناتهم وتحسين مستقبلهم. فإن قاموا بذلك، سيتسنى للبراعم الخضراء في البلاد أن تزدهر وتفيد جميع اليمنيين

1 comment on “البراعم الخضراء في اليمن

  1. عزيزي سعادة السفير أنت محق في رؤيتك بان البراعم اذا ما ترك لها المجال في النمو فانها ممكن ان تفيد المجتمع اليمني ولكن هناك الفاسدون الذين لا يروق لهم رؤية البلاد ان تتطور والارهاب الذي يؤدي الى تدهور الوضع الامني فانها اكبر التحديات امام هذه البراعم
    وشكراً

Comments are closed.

About Nicholas Hopton

Nicholas Hopton is former UK Ambassador to Iran, Qatar and Yemen. Nicholas is a career diplomat who joined the FCO in 1989 having studied at St Peter’s School, York, and…

Nicholas Hopton is former UK Ambassador to Iran, Qatar and Yemen.

Nicholas is a career diplomat who joined the FCO in 1989 having
studied at St Peter’s School, York, and Cambridge University (Magdalene
College).  He has also studied at La Sapienza University in Rome and ENA in Paris.
With the FCO he has also served overseas in Paris, Rome, Morocco and Mauritania.
He is married with five children.