Avatar photo

Alastair McPhail

British Consul General to Jerusalem

21 August 2015 Jerusalem, Israel

أيدلوجية التطرف والمستوطنون

عند وقوفي أمام منزل عائلة الدوابشة في قرية دوما بعد حرقة بأيام واستماعي لمعاناة القرية ومحاولاتهم الحثيثة للتغلب على هذه المأساه، لم يكن بوسعي سوا ان اتذكر  الفتى محمد أبو خضير والذي قتل نحو عام تقريباً بظروف مشابهة. هولاء الأولاد، والثلاثة فتيه الإسرائيليين ال اختطفوا وقتلوا العام الماضي أيضاً يمثلون ولو بشكل بسيط الخسائر البشرية المأساوية الناتجة عن العنف السائد في الضفة الغربية.

 إن مثل هذه الأحداث التي تدفعنا عادةً، أنا وزملائي لزيارة تجتمعات ومناطق مختلفة لدعمهم في حزنهم رغم اختلاف التفاصيل والشخوص إلا أن حياة الأفراد البريئة التي عادةً ما  تدفع الثمن.

11823679_10152995588486905_1524928539_n
أمام منزل عائلة الدوابشة في قرية دوما

إن الحادثة البشعة الأخيرة التي أودت بحياة الطفل الرضيع علي الدوابشة ووالده ما هي إلا مثال على احداث مؤسفة أخرى يواجها الفلسطينيون على أيدي المستوطنيين المتطرفين. لقد زرت بوقت سابق عدد كبير من المناطق في الضفة الغربية التي تعرضت لتهديدات هذه الارهاب. تجمعات ومناطق شهدت إحراق للبيوت والممتلكات، خلع لأشجار زيتون، وأطفال تعرضوا للترعيب. فبحسب مكتب الامم المتحدة للتنسيق للشؤون الانسانية  ” UNOCHA” فقد سُجل منذ بداية العام 2015، 120 هجوماً مختلفاً من قبل مستوطنين على فلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وفعلاً فهذه الارقام مقلقة جداً وشديدة الخطورة.

وكان رئيس الوزراء البريطاني، دفيد كامرون في قد قال وقت سابق: “ليس بالضرورة أن تدعم العنف لتكون داعماً لأفكار تشجع التعصب والتي من شأنها دعم بيئة تسهم بنشر التطرف. أفكار عدائية لقيم الحريات الأساسية مثل، الديمقراطية، الحرية، المساواة الجنسية، وافكار تروج للعنصرية، الطائيفية، والفصل، هي ذاتها هذه الأفكار التي تفضل هوية جهة معينة على الآخرين وتنقص من حريات البقية”. وفعلاً، هذه هي الأيدلوجية المتطرفة لهولاء المستوطنين، الذين لا يتقبلون فكرة حق الفلسطينيين بالحرية والعيش بسلام.

ولهذه فإن المملكة المتحدة ملتزمة اتجاه محاربة هذه الفكر التطرفي كأي نوع آخر من التطرف سواء كان الإسلامي المتطرف، أو النازية الجديدة.

ولكن كيف لنا أن نحارب هذه التطرف؟

أولاً: لنسمي الأسماء بمسمياتها، فحرق الطفل علي دوابشة عمل إرهابي صادم. ولهذا السبب تسارع العالم لاستنكار هذه الحدث المروع، وهذا ما قامت به أيضاً الحكومة البريطانيا، والسلطة الفلسطينية والإسرائيلية على رأسهم الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء بن يامين نيتنياهو. فمثل هذه الجرائم تأتي نتيجه الفكر المتطرف الهادف للتهديد والترهيب.

ثانياً: عبر الدفع لمساءلة مرتكبي مثل هذه الجرائم. فبحسب ما افادته مؤسسة “يش دين” في شهر أيار المنصرم “1.9% فقط من الشكاوى المقدمة من قبل فلسطينيين ضد مستوطنين ينتج عنها تحقيق جدي لمعرفة الأشخاص خلف الاعتداء وادانتهم ومحاكمتهم”. ولكن هذه الحقائق يجب أن تتغير أن أردنا حقاً كسر دائرة العنف هذه، ويجب تقديم أي جهة كانت للعدالة، سواء كانت وراء اعتداءات على فلسطينيين أوإسرائيليين.

ثالثاً: عبر توضيح موقفنا اتجاه المستوطنات ومعارضتنا لوجودها. فموقف الحكومة البريطانية واضح جداً من هذا الموضوع: المستوطنات غير شرعية بحسب القانون الدولي وتعد عقبة حقيقية أمام السلام وانشاء الدولة الفلسطينية التي يجب أن تعيش بسلام جنباً لجنب مع إسرائيل.

IMG_3994
مستوطنون قاموا بقطع اشجار زيتون قرب قرية ترمسعيّا‎

وأخيراً، تعمل الحكومة البريطانية على دعم عدد من المؤسسات الأهلية التي بدورها تسهم أيضاً بدعم التجمعات والأهالي من حماية أراضيهم من التوسع الاستطيتاني. حيث تعمل هذه المؤسسات على دعم الأهالي قانونياً ومراقبة التوسع الاستطيتاني ورصد الانتهاكات. هذه ونقوم أيضاً بدعم المناطق الاكثر عرضة لعنف المستوطنين عبر برنامج المشاريع الثنائية والتي تسعى لتطوير الاستدامه المجتمعية ومواجهة التأثيرات الآنية للنزاع. كما ونقوم أيضاً بدعم قيام مؤسسات اقتصادية، سياسية، وأمنية فلسطينينة ستسهم ببناء الدولة وإيجاد الاستقرار.

أنا حقاً لا ارغب برؤية أو سماع قصص مشابهة لقصة عائلة الدوابشة مرة أخرى.  وفقط عبر تقديم الجُناة للعدالة أياً كانوا، وعبر ترويج الساسة للهدوء وسيادة القانون، وعبر تحدينا الدائم لمفاهيم التعصب والتطرف، عندها فقط يمكن للجميع بمختلف خلفياتهم النوم بسلام في بيوتهم مدركين أن اطفالهم آمنين في أسرّتهم. وعندها فقط لن نسمع بقصص وأحداث مشابهه لحادثة عائلة الدوابشة.

حول Alastair McPhail

Dr Alastair McPhail CMG OBE was appointed Her Majesty’s British Consul General to Jerusalem in January 2014. Dr McPhail has worked in the Foreign and Commonwealth Office for 19 years.…

Dr Alastair McPhail CMG OBE was appointed Her Majesty’s British
Consul General to Jerusalem in January 2014. Dr McPhail has worked in
the Foreign and Commonwealth Office for 19 years. He was HM Ambassador
to South Sudan from independence on 9 July 2011 until his departure in
March 2013. Prior to becoming Ambassador to South Sudan he was HM Consul
General in Juba from March 2011 until South Sudan became independent
and the Consulate General was upgraded to a sovereign Embassy.
From 1996-2000 he worked on the northern Iraqi Kurdish peace process.
He worked on Sudan from 2000-2005, first as Head of the Egypt, Libya
and Sudan Section in the Foreign and Commonwealth Office, then as Head
of the Sudan Unit – the UK’s international team charged with supporting
the Sudan peace process – and finally as the UK Special Representative
for Sudan. Dr McPhail attended every round of the negotiations on the
Comprehensive Peace Agreement from the first session at Machakos to the
final session at Naivasha. After that he took up overseas roles such as
Minister and Deputy Head of Mission in the British Embassy in Rome,
Italy and as the UK Special Envoy to Mali during a hostage crisis.